السبت، 16 أكتوبر 2010

أطياف الأمل (قصة)



كان وقع خطواته هو الشيء الوحيد الذي يكاد يسمع في هذا الليل البهيم... سمع من بعيد نباح الكلاب... فتحسس جيب معطفه وركض مسرعا... "تعال" ناداه الجندي "وين رايخ؟" نظر إليه يوسف وقلبه يدق للبغتة :"ألحق أبوي على المسجد" تقدم منه الجندي بخطوات مختلة... "إيدك جانبك يا ولد" ضحك يوسف في داخله... إنه سكران... تذكر فجأة حجارة الكلاب بجيبة... فاختل صوته:" بِدكاش تتركني أمر؟" فقال الجندي:"لا عدي عدي"...

 
سقط أول شعاع من أشعة الشمس على وجهه المحمر ببرودة الصباح ، فسرى الدفء في جسده... داعبت شعره الذهبي نسمات خفيفة تعبقها رائحة زهور الليمون..

 
تسلق في خفة الشجرة... كانت هي والكرمة العجوز تذكرانه بحديقة جده الفيحاء.. على أطراف يافا... قديما وقبل أن تتغير معالمها... امتلك جده بيارات ممتدة للحمضيات وكان يرعاها بنفسه... هكذا يعرف يوسف قصة عائلته العريقة لأجيال سحيقة ، يحفظها عن ظهر قلب وإن كان لا يفهم جلها... بدءا من منع الصهاينة الماء عن مزرعتهم ، وحتى المساومة على خروج الجد من داره والمزرعة لمقابل مادي بخس ، انتهاءا بهدم البيت وحرق نصف أشجار الليمون ونزوحهم إلى أطراف المزرعة... ثم شيئا فشيئا طلبوا منهم إثبات ملكية أرضهم.. ولما لم يجد الصهاينة تلك الأوراق البالية التي قدمها الجد رسمية أو قانونية صدر قرار بطرده من مزرعته...



تطفو على صفحة بقايا مطر البارحة صورة ملؤها الأسى لوجه جده وهو يحكي لهم كيف طردوا من قريتهم كلها تحت تهديد الإبادة من عصابات الصهاينة عام 48


وكيف قضوا أياما يشربون بولهم ويلعقون الحصى بحثا عن قطرة حياة... حفاة عراة وكأنهم ليسوا من بني البشر..



تأرجح بأغصان الشجرة لبرهة... شيء ما يوخز القلب من داخله... حنين إلى هارب في الهواء... ملأ حجره من الثمار... ضحكت أمه في أسى من ملابسه ويديه وفمه التي تلطخت جميعها واصطبغت بلون التوت القاني... أما هو فانحنى يقبل يدها ويلوثها ضاحكا ثم يهرب كعادته...



**
كان صباح آخر... أقرب إلى المساء... لم يضطر يوسف للتسلق في هذا اليوم بل وقف على أطراف أصابعه ليمسك بالثمار بخفة ويملأ كفيه الكبيرين... اليوم هي الذكرى الخامسة لاستشهاد شقيقه وريحانة دارهم ياسر... وذكرى لقائه بها أيضا... ريحانة قلبه ورواء روحه...



الغضب في رأسه مازال حاضرا... فتات روحه تصَّعَّد لتلحق بركب أحب الناس إلى قلبه... مساءا... جلس مع المعزين وروحه في باطن الأرض... قبض بيده على ساعة أخيه المخضبة بدمائه... إنها الحقيقة التي لا جدال فيها... خرجت ثمار التوت في مطلع ذلك الصيف وكأن مرارتها حزنا على حبيب قد غاب...



انتبه وقد سحق الثمار بيديه.



رأى من النافذة الصغيرة أمه وهي ترتب أغراضا في خزانته... لقد اختار هذه الغرفة


خاصة لكثرة أغصان التوت الداخلة إليها... حياة وجمال...

 
في العام التالي.. وفي ذات اليوم.. جاءت هي... سمراء ممشوقة كغصن سرو هده العطش... جاءت مع أمها ليمكثوا معهم بعد استيلاء المستوطنين على بيتهم... مر أسبوعين ولم يلمح سوى خيالها يتحرك سريعا ويختفي سريعا في جنبات الدار... طلب إليه والده اصطحابهم إلى صلاة الجمعة... ليصلوا في الشوارع المحيطة بالمسجد الأقصى...


حزن يتألق في جنبات وجهها وهم يمرون بجنود الاحتلال... ثمة دمعة واحدة في عينيها... تأبى أن تنزل وتأبى أن تتلاشى... تلفّح بخشوع عندما طرقت أذنه رنة الشوق في صوتها وهي تحكي عن آخر عهدها بالدخول إلى باحة الحرم..


انطلق يحكي بغير تكلف عن ذكرياته وشقيقه وحجارتهم...


لم يمر أسبوع آخر حتى كان قد فاتح والدته برغبته في قضاء ما بقي من عمره مع أماني...
**


رمقته بنظرة خجلى... سقطت دمعتها أخيرا... مسحها بظهر يده وهو ممسك بيدها في حنان... دخلا إلى غرفته... وفي جعبتهما آمال بتحرير وعودة...


بقلمي..





الاثنين، 31 مايو 2010

أسطول الحريــــــــــــــة.... والموت للخونة..



السلام عليكم

ليست مشاعر الحزن وحدها هي من باتت تتحكم بعقلي الصغير ، الضئيل... بل مشاعر العجز وقلة الحيلة... مشاعر انسان مشلول بإرادته ، وفكره ، وجوارحه....
مشاعر حب وتقدير وانحناء حتى ينكسر ظهري من أجل هؤلاء...

لمَ لم اذهب معهم؟؟

لمَ لم أنفق ما معي من مال لأقطع تذكرة الشرف قبل أن يلقى بجيلنا في مزبلة التاريخ المكتظة!!!

لم قعدت قدماي وتسمرت ، وكأنها قد تغطت بالأسمنت الذي يصدرونه لإسرائيل لبناء جدار الفصل وجدار العزل وخندق الموت...

وكأن أنفاسي قد خنقت بغاز تشتريه إسرائيل بثمن بخس وتمتد أنابيبه مخترقة حصار إخوان جلدتنا... لتتجاوزهم بلا اكتراث وتصل إلى بيوت العدو الصديق...
وياليته يرضى!!!
((ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم)) ياليت أحدا يفقه...

لا أعرف لماذا تيبست أصابعي عن إرسال رسائل الشجب واستجداء المنظمات الدولية وشرفاء العالم الحقير...
لماذا بتُ أرى رسائلي ترقد في سلات المحذوفات قبل أن أضغط على (إرسال)

نناشد المجتمع الدولي نعم...
الذي يحاصر غزة الآن... ويهود القدس دائما..
الذي قتل إخواننا واطفالنا في العراق
الذي يسكت على اغتصاب أرض الشيشان نعم...
نناشد من يحتلون أفغانستان.. التي نسيناها جميعا...
نناشد حملات التنصير في الصومال والسودان...

نرجوكم جميعا..


قفوا بجانبنا...
اقتلونا وامشوا في جنائزنا...
برضانا
اقتلوا اخواننا أمامنا
لكن رجاءا... ساندونا
ساندوا أحبابنا
قولوا كلمة تسكن غضب الجموع
وتهدئ سخط الحشود...
ابتسموا إلينا في الكاميرات
واربتوا على رؤوس أطفالنا الصغار

صدروا إلينا الموضات والألعاب... افسدوا شبابنا... اهدروا أموالنا..
برضانا.. أو بغير رضانا..
فنحن محكومين
محكومين بالقهر

قال الله سبحانه وتعالى: ((وأعــــــــدوا))
واتخذناها شعارا حارب من أجله أجدادنا الفاهمين
اما نحن فرددناه كالببغاوات

تهربنا منه
تهربنا من شرف أمتنا
وهو الجهاد..
الجهاد... أصبح يسمى مقاومة!!!
هل تصدقون؟؟؟
هل تصدقون الخنوع؟؟
حتى الألفاظ تخلينا عنها لأجلهم
ولن يرضوااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا عنا
لم لا نفهم..

خلينا جنب الحيط
رجاءا
خلينا تحت الحيط

سيضربوننا
ويعتقلوننا
ويعذبوننا
ويبقى الخنوع يعشش فينا
طالما توقفنا في أماكننا

اللهم فتحا من عندك


مين فات قديمه تاه ..