القلب يتأرجح
بين شعور غامض بنفور كبير وشعور لطيف بحب عاصف
بين رغبة عارمة في القرب، وشعور خفي بالوخز والذنب
بين أنس في الوحدة وابتغاء ل الصحبة
بين تصديق وبين تكذيب
بين أمل ب الحياة.. وحلم بالرحيل
بصيت فجأة ملقيتش نفسي
اعتياد سبل الراحة.. الأماكن.. أنواع معينة من الطعام.. اعتياد بعض الأشخاص .. الإنسان مجبول على ذلك والاعتياد بالنسبة إلي هو نقص ضروري لكمال إنسانيتنا.. ومع ظهور فلسفة الاستغناء والاستقواء وانضمامها لفوضى ادعاء المثالية والكمال..صار التكيف مع الاعتياد أصعب.. وصار الاحتياج عار لا يجب التصريح به
رغم أننا بضعفنا الذي نهرب منه نحتاج إلى أشياء كثيرة لا تحصى
حتى الذين عولنا عليهم كي نطبق معهم كل الحب والعشق الذي لطالما ملأ رؤوسنا وأحلامنا، وأذاب جليد قلوبنا ونحن نقرؤه أو نكتبه أو نصيغه في قصص قصيرة تُسْكر مشاعر القراء....
هؤلاء خاصة أوصلونا إلى حب مشوه ووصال مشروط.. فعافت نفوسنا أن تقترب وأن تحب..
وعرفت قلوبنا ألماً من نوع جديد.. مزيج من اللوعة والخذلان ، بخلاف ألم الشوق لهؤلاء الباغين في الحب..
شوقا لا حيلة لنا فيه
لكن لهم فيه ألف حيلة
…
تتابعت زخات المطر على نافذة الحافلة
ضوء النهار بالكاد يبزغ
والركاب جلهم متدثر بطبقات من الملابس والأوشحة الثقيلة..
عاد الشتاء سريعًا
كان قد مر وقت طويل على اعتياد الغياب وإلف الوحدة
صمت الهاتف وصمتت الرسائل وصمت البريد إلا من إعلانات جوفاء
بالأمس
وفي نهاية ليلة مزدحمة بالعمل
تلحفت بغطائها المفضل ورقدت أمام التلفاز
لتتابع شيئا لا تذكر ماهيته
سقطت نائمة
ثم أفاقت وهي تتذكر ما حدث بتفاصيله
غرقت في نومها لتجد أنها قد غرقت في أحضانه
امتدت أناملها الرقيقة لتربت على رأسه.. تحسست أذنيه.. عينيه.. شفتاه
إنه هنا نعم.. يغمرها دفء جسده ويحيطها بذراعيه
..
ابتسم ملء فيه
وابتسمت
ربت على قلبها
وربتت هي على أحزانه وشقاوات أيامه
ودعته إلى سيارته ووقفت تراقبه حتى ابتعد
تاركا في قلبها دفء وأمان وحب يفيض
.. كان هنا ثم رحل لكن رائحته لازالت هنا
وعناقه قد أضاء جذوة في القلب يصعب أن تنطفي
…
كان حلمًا
لكنه أفضل من كل حقيقة
وأصدق من كل حاضر
وأدفأ شيء مر على قلبها على الإطلاق
كهبّات عنيفة تعصف بالعقل والجَنان.. بعد أسابيع وربما شهور من التجاهل والكتمان والألم المخفي الذي تعلن عنه دونما قصد قسمات الوجه والبسمات المتكلفة والضحكات المصطنعة.. ثقل لا يسعك سوى إنكاره وحجبه عن أقرب الأقربين .. نفسك التي بين جنبيك.. ثم بعد كل تلك الفترة..وبغير سبب مذكور تغيم سحابات اليأس والجزع لتحجب عقلك وعينك عن كل جميل محسوس ومرئي، ولتعكر صفو كل متعة مررت بها.. تخبرك أن أي متعة هي بالأصل مصطنعة كاذبة.. وأي فرح مستحيل.. يتكاثف الضباب ليغلف ذكرياتك كلها فلا يترك إليك سوى أشقاها ومن المشاعر أقساها.. تغوص في ماضيك لعلك تجد فيه سلواك فلا تبصر سوى المآسي والجروح والعور والعيوب.. تنظر الى مستقبلك فتجده قاتما غائما لا أمل فيه.. تحاول النهوض العمل الأكل حتى غسل الأسنان وأبسط الأعمال تجدها ثقيلة عسيرة محاطة بالحواجز والعقبات فتضطر إلى أن تسوق نفسك إليها سوقا..لا يعرف كل تلك المشاعر إلا من مر بها، ربما يجدها البعض مبالغات أو تشاؤم أو نقص إيمان.. لكنها ويا للغرابة لا تعبر إلا عن يسير مما يعانيه بعض من صارع الاكتئاب فغلبه تارة وغلبه مرات..
شعور قاسٍ بالوحدة
فراغ مقفر لا تملؤه كل الأشياء
ولا كل العبرات التي يسكبها لهيب قلب متأجج بنار الحزن والحيرة فتسيل أنهارا حارقة كحمم تعرف طريقها بين وديان الوجه والجيد
خواء مفاجئ
وكل الهموم والنوائب تطرق القلب مجتمعة
فلا يكاد فكاكا من إحداها حتى تأتيه أختها فلا يجد ما يلوذ به ولا من يضمه في كنفه
مؤلم أن يذهبوا جميعا
موجع أن يرحلوا فلا ندري عنهم ولا يدرون عنا
موجع أن يفيض الوجع فلا نحري له بيانا ولا نجد له مقالا..
يبدو أن تدوين الوجع قد صار دأبي
تستيقظ يوما وقد زالت آلامك.. ببساطة.. نزعها الله من جسدك فما عاد يشعر ولا بأقل انزعاج.. ومن قلبك فما عاد يشكو ذرة خوف ولا قلق ولا حزن.. تصحو خفيفا معافى راضيا مبتسما من قلبك بلا تنغيص ولا تكدير.. قد جبر الله حزنك وأبدلك خيرا مما فقدت وأسبغ عليك من فضله فاغتنيت وارتويت حبًا وطمأنينة لن يعكرها شيء ولا أحد.. وجهك قد صار أجمل؛ وكأن الضوء ينبثق من قسماته.. ضحكاتك تعلو بلا تكلف ولا حساب.. جسمك مستريح نظيف وثيابك فاخرة حريرية.. تحيط بك أكوام الطعام والشراب وما لا تحصيه من الملذات تنتظرك لتنعم بها خالدا بلا نهاية.. ومعك من أحببت وربما حالت الايام دون لقاء شاف.. هم معك جميعا لن يفارقوك بعدها أبدًا.. يا لسعدك