الاثنين، 9 ديسمبر 2013

ترانيم الألم




الحديث عنه يؤلمك..

الحنين إليه يؤلمك..

من يسكنونه يتفننون في إيلامك..

شوارعه.. جرائده ومجلاته..

كله كتلة نابضة بالألم..

ألوان كثيفة من الأحزان وألوان أخرى من الأفراح تتسلل خلال الألم.. 

الأحمر حيث قوة العاطفة.. المشاعر المتأججة.. الأحلام المتفتحة.. الحب.. ودماء أحباب سالت بغير حساب..

الأسود يحكي الوقار والغموض.. وثوب حداد تلفح به الوجع وهويشيع قرة الأعين..

كانت هناك.. ومثلها كثيرات..
جميلة فارعة بيضاء شهية.. أحالتها رصاصة واحدة إلى كومة جسد مصفر باهت.. يعلوه وسخ مختلط بالدماء..
هو أيضا كان هناك.. قوياً فتياً..
كذلك كلهم كانوا..
صاروا جميعاً أثراً بعد عين..
....
تستغرقك بضعُ ثوانٍ كي تقول: مات فلان.. اعتُقِل فلان.. أصيب فلان..
لكنها ذات الكلمات تختبئ خلف كل منها حكاية طويلة.. قفار من المعاناة.. بكاءات ورثاءات.. ذكريات وكلمات..

"نار الثأر لا تبرد.."

وجع الفقد
حارق..
يمزق القلب.. يُسكِنَهُ بؤساً..
يحرق الصدر.. فتخرج زفرات تتلوها زفرات كلما خطر الحبيب بالبال –وما غاب لحظة-
ثم يصعد إلى العنق.. فيحترق الجلد ويشيخ..
...
كثيرة هي الصدمات.. سريعة.. متتالية..
قاسية.. - وآه من قسوتها..
بيد أن كل منها قد نزلت منزلاً منفصلاً.. فلا تُنسي الثانيةُ الأولى..
...
يا لأصحاب الأخدود..
أحرقوهم أحياء لأنهم رفضوا العبودية لغير الله,,
وأنتم يا أطهار.. أحرقوا مصابكم ومثلوا بشهيدكم لأنكم رفضتم عبوديتهم..
...
يا وجع القلب والروح..
وددت لو أنني أُوتيت بلاغة لأنظم أشعاراً في كل بطل مثلما نظمت الخنساء في صقر,, وأكثر
وددت لو أن لي حضناً كبيراً أضم فيه كل الثكالى واليتامى والأرامل..
وددت لو بيدي رسم البسمات على شفاههم جميعاً..
وددت لو نزلت على أبواب المعتقلات كل يوم فقط أستمع إلى زفرات الأمهات.. وأشواق الزوجات,, وأمنيات الأبناء.. أربت على الجراح وأسقيها صبراً وثباتاً وقوة..
..
عجز وضعف..""
..
وجع الضمير تائه خلف تبريرات ومجاملات..
وقلة الحيلة تختبئ خلف انشغال وكسل..
..
لم أتخيل يوماُ كيف يثبت الناس في غزة !
في أوجة القصف والحرب والظلام.. والبرد وقلة الطعام.. تجد البسمة.. الرحمة.. الحب.. الزواج.. اللعب والمراجيح.. الأحاجي وحكايات الحاكورة.. الأهازيج..

لم أتخيل ذلك حتى لمسته هنا..

ثبات.. تفاؤل.. ثقة.. تبلغ عنان السماْء..

الألم يفوق طاقة العقل على مجرد التفكير به..
الجرح.. الحرمان النفسي والمادي.. قسوة الأقربين..

لمست جبال.. صبر.. إيمان.. مروءة.. شهامة..
بذل.. كرم.. تآخي.. تكافل.. إيثار...

حدِّث عن الفضائل ولا حرج..
........
منح لا تحصى في قلب محنة..
......
كرم المولى يفوق رجاءنا دوما..
....
نار الثأر لا تبرد
...
..
.


ع ا ل م ك



ابتعد القارب أكثر..
بلدان وقفار تفصل بين العقل والقلم.. وأخرى تفصل بين العقل والقلب..
بُعد الزمان والمكان..
ضيق بالحَكايا.. بالاستفهامات.. التعليقات.. التنبؤات.. والتحليلات..
الإنصات إلى صوت العاطفة ممتع.. قريب.. محبب..
لكنه بنفس الوقت موجع.. مؤلم.. صادم..
..
القرب ما عاد  يُجدِي؛ وكذا ما عاد يجدي البُعد..
...
أفلاك متداخلة تدور حول شيء ما باستمرار.. جدا قريبة..
لا يَعِ كثيرون أن ثمة عالم فسيح ممتد خارج هذه الأفلاك.. 
الزاوية القريبة المثالية ربما تكون أسوأ من الزاوية البعيدة المعتمة المجهولة..
فالثانية لا تحتاج سوى أن تأخذ مصباحك.. وقطعة قماش قديمة تزيل بها الغبار ثم تجلس ويكون المكان ملكاً لك وحدك..
بخلاف حرب المجرات المتصلة عند الزاوية الأولى.. 

....
أشياء صغيرة ..تصنع حياة..
ابتسامة عفوية..
وردة..
نصيحة صادقة..
طفل ناعم ملائكي..
صندوق الرسائل القديم...
ضمة قوية..
اتصال مفاجئ..

وغيرها كثير..
تصنع بسمة وتهيِّج شجوناً..
لمن يمتلك شعورا وحياة..
فقط..
وفقط..



مين فات قديمه تاه ..