الأحد، 5 يناير 2025

لكم اشتقت إليكِ يا جدتي

أتعلمين.. لم تعد صغيرتك صغيرة الآن..

لم تعد خجولة.. ولم تعد هادئة رزينة

اه لو تعلمين كم أحتاجك وكم أرجو أن أراكِ ..

لو كنتِ هنا لأتيت إليكِ لأتأمل مليا -وفي كل مرة- أزداد ولعاً بجدائلك الفضية الطويلة .. أقبل جلد يديك الرقيق.. ثم أتناول الكوب من أصابعك المرتعشة لأشرب ذلك المشروب الذي لا يوجد في أي مكان في العالم إلا في منزلك الدافئ..

أدخل إلى سريرك الكبير فأحكم الغطاء من حولي وأشاهد التلفاز بعين وأراقبك بعيني الأخرى تنهين صلاة وتبدئين بأخرى.. تتمتمين ومصحفك مفتوح أمامك لكنك لا تنظرين إليه أبدا.. فقد حفظتيه عن ظهر قلب..

أشتاق إلى رائحة بيتك.. إلى شرفتك.. ومطبخك الصغير.. إلى كل شيء بقي في مكانه منذ أن كنا صغارا وحتى بلغ بنا المشيب مبلغه..

لو كنتِ هنا لأخبرتك بأن صغيرتك بحاجة ماسة إليك وبأنكِ كنت ملجأها الأكثر أُلفا وأمانا.. كنت أقفز إلى سيارتي عندما تتعالى الأصوات وتختلط داخل رأسي، لتقودني وحدها إليكِ وإلى بيتك الدافئ.. 

تعلمين يا جدتي بأن طفلتك كانت قد اعتادت أن تهرب وتقاوم حياتها ..ولا زالت تقاوم حتى الآن.. دائما وأبدا هي تدافع عن نفسها وكونها في مواجهة كل شخص وكل شيء منذ عرِفَت معنى الحياة..

كنتِ ستخبرينني  وتفسرين لي ؛ لماذا علينا أن نختار !! دائماً هناك خيارات متعددة ومحيرة.. لا نعلم ماذا وكيف وما سيحدث بعد أيها.. لماذا كبرنا يا جدتي وصار لزاما أن نقوم بذلك عشرات المرات في اليوم الواحد.. بدءا من اختيارات بسيطة وصولا إلى حتمية الاختيار في أعقد الأمور.. 

أشتاق إليك كل يوم وكل وقت.. أشتاق إلى عناقك وحكاياتك ودعواتك وصلواتك في جوف الليل..

 رحمك الله حبيبتي..


أنا 





السبت، 4 يناير 2025

 كل هؤلاء الأطفال الموتى..

وكأنهم نائمون

ارتاحوا حتما من شرر هذا العالم الكاذب..

ننظر كل يوم إلى أحلامهم المقتولة ونمضي..

صعودا ونزولا

وقد نضع قلوباً..

ثم نعود لنمارس طقوس الحياة كَذبا..

نخدع أنفسنا..

وكأننا بخير

لكننا متعَبون..

جدا متعَبون..

متعبون حد الذهول والبلاهة..


أنا 


 على سرير المرض تتحطم أحلامنا وتتضاءل أمانينا

فما نحن إلا بشر ضعفاء مساكين يسري فينا حكم المولى

وتسوقنا أقداره؛ تلك التي نقبلها ونرضاها وتلك التي نسخط عليها ونحاول الهرب منها.. 

تسوقنا إلى أن نعبر خط النهاية..

كل سيعبر في موعده ووقته

ولكن شتان بين عبور وعبور

عبور خفيف راضٍ سمح بار

وعبور آخر

لا أريده لنفسي ولا أريد حتى أن أذكره

شتان شتان 

اللهم قني شر نفسي 

مين فات قديمه تاه ..