لكم اشتقت إليكِ يا جدتي
أتعلمين.. لم تعد صغيرتك صغيرة الآن..
لم تعد خجولة.. ولم تعد هادئة رزينة
اه لو تعلمين كم أحتاجك وكم أرجو أن أراكِ ..
لو كنتِ هنا لأتيت إليكِ لأتأمل مليا -وفي كل مرة- أزداد ولعاً بجدائلك الفضية الطويلة .. أقبل جلد يديك الرقيق.. ثم أتناول الكوب من أصابعك المرتعشة لأشرب ذلك المشروب الذي لا يوجد في أي مكان في العالم إلا في منزلك الدافئ..
أدخل إلى سريرك الكبير فأحكم الغطاء من حولي وأشاهد التلفاز بعين وأراقبك بعيني الأخرى تنهين صلاة وتبدئين بأخرى.. تتمتمين ومصحفك مفتوح أمامك لكنك لا تنظرين إليه أبدا.. فقد حفظتيه عن ظهر قلب..
أشتاق إلى رائحة بيتك.. إلى شرفتك.. ومطبخك الصغير.. إلى كل شيء بقي في مكانه منذ أن كنا صغارا وحتى بلغ بنا المشيب مبلغه..
لو كنتِ هنا لأخبرتك بأن صغيرتك بحاجة ماسة إليك وبأنكِ كنت ملجأها الأكثر أُلفا وأمانا.. كنت أقفز إلى سيارتي عندما تتعالى الأصوات وتختلط داخل رأسي، لتقودني وحدها إليكِ وإلى بيتك الدافئ..
تعلمين يا جدتي بأن طفلتك كانت قد اعتادت أن تهرب وتقاوم حياتها ..ولا زالت تقاوم حتى الآن.. دائما وأبدا هي تدافع عن نفسها وكونها في مواجهة كل شخص وكل شيء منذ عرِفَت معنى الحياة..
كنتِ ستخبرينني وتفسرين لي ؛ لماذا علينا أن نختار !! دائماً هناك خيارات متعددة ومحيرة.. لا نعلم ماذا وكيف وما سيحدث بعد أيها.. لماذا كبرنا يا جدتي وصار لزاما أن نقوم بذلك عشرات المرات في اليوم الواحد.. بدءا من اختيارات بسيطة وصولا إلى حتمية الاختيار في أعقد الأمور..
أشتاق إليك كل يوم وكل وقت.. أشتاق إلى عناقك وحكاياتك ودعواتك وصلواتك في جوف الليل..
رحمك الله حبيبتي..
أنا