الأحد، 9 يوليو 2017

أتذكر بوضوح ذلك اليوم الذي أصابتني فيه خيبة أمل من أقرب صديقاتي وكنت أبكي بحرقة وقد أظلمت الدنيا في عيني.. عندها دخل أبي إلي وسألني بحنان عن سبب بكائي.. ضمني طويلا ومسح دمعي ثم أحضر لي الماء والحلوى.. حكى لي عن خيبات أمله الكثيرة على مر الأعوام وبأن الأفضل ألا نثق إلا في الله فقط فهو مالك قلوب العباد..

وعندما كان النوم يعافني أو حين تنتابني الأحلام المزعجة ، أو أصحو فزعة لصوت الرياح أو المطر.. كنت أسرع دون تردد لأطرق غرفة والديّ فيفتح لي أبي فورا ويضمني بقوة سائلا إياي عن الخطب.. ثم يدعوني إلى النوم بجواره حتى تهدأ أنفاسي ويسكن روعي ثم أعود إلى غرفتي لأستغرق في النوم خلال ثوان..

أذكر بوضوح أبي وقد دخل غرفتي بالمشفى وأنا في مخاضي وقد تركت الدماء وجهه واغرورقت عيناه وقلبه يكاد ينخلع وهو يقترب مني ليبلل قطعة صغيرة من القطن بمياه باردة ويمسح على شفتيّ ورأسي ورقبتي.. ويمسك بكفي البارد ويقبله..

أتذكر كل مشاكلي وكل مخاوفي وكل أمنياتي كل ما دعاني للقلق يوما وكل ما بدا شاقا صعبا مستحيلا.. فأذكر على الفور وجه أبي الواثق وهدوء أمي وتركها دفة الحديث لي لتستمع إلي وتخفف عني وتزيح عن كاهلي ألما ثقيلا وحملا لا يقدر على إزاحته بشر..

أشتاق إلى أمي وأبي.. أشتاق إلى أن أكون الإبنة ثانية.. الطفلة المدللة التي يسعيا لتحقيق أحلامها.. والتي يتألم الجميع لألمها.. أشتاق لأفرغ مشاعري وأبكي فيربت أبي على رأسي ويضمني بقوة ولا يفلتني حتى أشعر بأنني أقوى وأصلب في مواجهة كل شيء..

أحب أن أكون أما لكن قلبي ليس كبيرا كفاية كقلب أمي ليحتوي صغاري.. أحب أن أشاركهم وأستمع إليهم طويلا لكن صبري ليس كصبر أمي.. وأتمنى أن أنظر إليهم نظرة ثقة تجعلهم يشعرون بالقوة والأمان لكن روحي ليست صلبة وواثقة كروح أبي.. 

جربت أن أنحي مخاوفي ومشاكلي ومصادر قلقي جانبا حتى أفسح المجال لصغاري لكنني قليلا ما كنت أنجح..
أحب كل تفاصيل صغاري وأتمنى أن أمنحهم كل ما منحه لي والديّ _أطال الله في عمريهما _ وأكثر لكنها حتى الآن مجرد أمنيات خاوية.. حاولت كثيرا لكن كيف وأنا التي قد صرت أما لازلت أحتاج إلى والديّ طوال الوقت وأشتاقهما.. وأنتظر لقياهما بفارغ الصبر.. أنا التي أحاول جاهدة أن أرسم البسمة على شفاههما فيسبقانني دائما ويملآن حياتي بهجة وفرحا ونورا..

اللهم ارض عن أبي وأمي وارحمهما كما ربياني صغيرة ومتعهما بالصحة والعافية والسعادة في الدنيا والاخرة..

قد يكون للحديث بقية ١




ليست هناك تعليقات:

مين فات قديمه تاه ..